التهاب الحلق الفيروسي: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج
يعد التهاب الحلق الفيروسي من الأمراض الشائعة التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي، وهو يتسبب في العديد من الأعراض المزعجة التي تؤثر على الراحة اليومية للفرد. يصاحب التهاب الحلق الفيروسي عادةً مجموعة من الأعراض التي تشمل الألم في الحلق، والسعال، والحمى، والشعور بالتعب العام، وأحيانًا صعوبة في البلع. على الرغم من أن هذا النوع من الالتهاب غالبًا ما يكون غير مهدد للحياة، إلا أنه يمكن أن يتسبب في تأثيرات كبيرة على نوعية الحياة، خاصة في حالة الإصابة المتكررة.
في هذا المقال، سنتناول بشكل موسع مفهوم التهاب الحلق الفيروسي، أسبابه، الأعراض المصاحبة له، طرق التشخيص، وسبل العلاج المتاحة.
تعريف التهاب الحلق الفيروسي
التهاب الحلق الفيروسي هو التهاب في الأنسجة المخاطية المبطنة للحلق، ويحدث بسبب عدوى فيروسية. يختلف هذا عن التهاب الحلق البكتيري، الذي تسببه عادةً بكتيريا مثل المكورات العقدية. يمكن أن يُسبب العديد من الفيروسات التهاب الحلق، بما في ذلك الفيروسات الشائعة مثل الفيروسات المسببة للزكام، والإنفلونزا، وفيروسات أخرى مثل فيروس الغدد اللمفاوية (إيبشتاين-بار) وفيروس الأنفلونزا.
الفيروسات التي تؤدي إلى التهاب الحلق الفيروسي تتراوح بين الفيروسات التنفسية العلوية الشائعة إلى تلك التي قد تؤثر على الجهاز التنفسي العميق. وتعتبر الأنفلونزا، ونزلات البرد، وفيروسات مثل الفيروسات المعوية من بين أبرز المسببات.
أسباب التهاب الحلق الفيروسي
تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الحلق الفيروسي، وفيما يلي أبرز هذه الأسباب:
1. فيروسات الزكام (الأنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى)
يُعد الزكام من الأسباب الرئيسية لالتهاب الحلق الفيروسي، حيث يمكن أن تسبب الفيروسات المسببة لنزلات البرد التهابات في الحلق تؤدي إلى شعور بالألم والتورم. من أبرز الفيروسات المسؤولة عن ذلك فيروسات الأنف (Rhinovirus) و فيروسات التاجية (Coronavirus).
2. فيروس الإنفلونزا
يصاحب التهاب الحلق الفيروسي في حالة الإصابة بالإنفلونزا أعراض مثل الحمى الشديدة، آلام الجسم، السعال الجاف، وأحيانًا ضيق التنفس. يمكن أن يكون التهاب الحلق في هذه الحالة مزمنًا ويستمر لفترة أطول من الحالات الأخرى.
3. فيروس إيبشتاين-بار (EBV)
يُعد فيروس إيبشتاين-بار من الفيروسات التي تسبب التهاب الحلق الفيروسي في بعض الحالات. ويصيب هذا الفيروس عادةً الغدد اللمفاوية ويؤدي إلى ما يُعرف بـ الحُمَّى الغدية أو مرض التقبيل، وهو مرض شائع بين الشباب والمراهقين.
4. الفيروسات المعوية (Enteroviruses)
تسبب الفيروسات المعوية، مثل فيروسات كوكساكي و فيروسات الإنفلونزا المعوية، التهاب الحلق الفيروسي بشكل رئيسي في الصيف والخريف. تسبب هذه الفيروسات أعراضًا مشابهة لفيروسات الزكام مع تفشي طفح جلدي في بعض الأحيان.
5. فيروسات أخرى مثل فيروس الحصبة والنكاف
قد تسبب الفيروسات التي تؤدي إلى أمراض أخرى مثل الحصبة أو النكاف أيضًا التهابًا في الحلق كأحد الأعراض المصاحبة.
أعراض التهاب الحلق الفيروسي
تتفاوت الأعراض المصاحبة لالتهاب الحلق الفيروسي من شخص لآخر، وقد تتراوح بين أعراض خفيفة إلى أكثر حدة. من أبرز الأعراض التي قد تظهر عند الإصابة بالتهاب الحلق الفيروسي:
1. ألم الحلق
يُعد ألم الحلق أحد الأعراض الأكثر شيوعًا، وقد يكون الألم خفيفًا في البداية ثم يزداد تدريجيا. قد يشعر المصاب بشعور جاف وحارق أو مؤلم في الحلق، وقد يزداد الألم عند البلع.
2. السعال
يُعتبر السعال من الأعراض المرافقة لالتهاب الحلق الفيروسي، وقد يكون سعالًا جافًا أو مصحوبًا بمخاط. يعتمد نوع السعال على الفيروس المسؤول عن الإصابة.
3. الحمى
يمكن أن يصاحب التهاب الحلق الفيروسي حمى، وقد تتراوح درجة الحرارة بين معتدلة إلى مرتفعة، خاصة في الحالات التي تسببها فيروسات الإنفلونزا.
4. التعب العام والشعور بالإرهاق
يصاحب التهاب الحلق الفيروسي غالبًا شعور عام بالتعب والإرهاق، وهو ناتج عن استجابة الجسم للفيروس.
5. احتقان الأنف والعطس
في حالات التهاب الحلق الفيروسي الناتج عن نزلات البرد، قد يعاني الشخص من احتقان الأنف والعطس بشكل مستمر.
6. صعوبة في البلع
قد يصاحب التهاب الحلق الفيروسي شعور بصعوبة في بلع الطعام أو السوائل بسبب الألم الذي يترافق مع التهاب الأنسجة المخاطية في الحلق.
7. تورم الغدد اللمفاوية
في بعض الحالات، قد يحدث تورم في الغدد اللمفاوية الموجودة في الرقبة نتيجة للعدوى الفيروسية، مما يزيد من الألم والضغط في منطقة الحلق.
تشخيص التهاب الحلق الفيروسي
يتم تشخيص التهاب الحلق الفيروسي عادةً بناءً على الأعراض السريرية للمريض وتاريخه المرضي. في معظم الحالات، لا يتطلب التشخيص إجراء اختبارات معملية، حيث يتم التوصل إلى التشخيص بناءً على تقييم الطبيب للأعراض ومدة المرض. ومع ذلك، قد يطلب الطبيب بعض الفحوصات للتأكد من أن العدوى ناتجة عن فيروس وليس بكتيريا، مثل:
-
اختبار المسحة الأنفية أو الحلق للكشف عن وجود الفيروسات.
-
فحص الدم للكشف عن وجود الفيروسات مثل فيروس إيبشتاين-بار أو الفيروسات المعوية.
-
أشعة سينية على الصدر في حالات نادرة لتحديد ما إذا كانت هناك عدوى رئوية مصاحبة.
علاج التهاب الحلق الفيروسي
يختلف علاج التهاب الحلق الفيروسي حسب شدة الأعراض ونوع الفيروس المسبب. في الغالب، لا يتطلب التهاب الحلق الفيروسي علاجًا محددًا ضد الفيروس نفسه، حيث يتبع الجسم عملية الشفاء الطبيعي في معظم الحالات. ومع ذلك، هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتخفيف الأعراض وتحسين الراحة:
1. العلاج الدوائي للتخفيف من الأعراض
-
مسكنات الألم: مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والتقليل من الحمى.
-
العلاجات الموضعية: مثل المستحلبات الحلق أو المحلول الملحي المخصص للغرغرة لتخفيف الألم وتهدئة التورم.
-
السعال: إذا كان السعال مزعجًا، يمكن استخدام أدوية مضادة للسعال التي تحتوي على الديكستروميتورفان أو البرومهيكسين.
2. الراحة وشرب السوائل
من المهم تناول كميات كبيرة من السوائل لتجنب الجفاف. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بالراحة التامة للمساعدة في تعزيز جهاز المناعة للقتال ضد الفيروسات.
3. الغرغرة بالماء والملح
يمكن أن يساعد غرغرة الحلق بالماء المالح الدافئ في تخفيف الألم والتورم في الحلق. تعتبر هذه الطريقة بسيطة وآمنة، ويمكن استخدامها عدة مرات في اليوم.
4. استخدام مرطبات الهواء
يمكن أن يساعد استخدام جهاز ترطيب الهواء في التخفيف من جفاف الحلق وتسهيل التنفس، خاصة في أوقات الطقس الجاف.
5. الوقاية من العدوى
من المهم تجنب ملامسة الأشخاص المصابين، وغسل اليدين بانتظام لتقليل خطر انتقال الفيروسات. كما يجب تجنب التدخين أو التعرض للتدخين، حيث أن ذلك قد يزيد من تهيج الحلق.
متى يجب استشارة الطبيب؟
في معظم الحالات، يشفى التهاب الحلق الفيروسي من تلقاء نفسه خلال أسبوع إلى عشرة أيام. ومع ذلك، في بعض الحالات قد تظهر مضاعفات، مثل:
-
استمرار الأعراض لفترة طويلة أو زيادة حدتها.
-
صعوبة في التنفس أو بلع الطعام.
-
ألم حاد غير محتمل في الحلق.
-
ظهور طفح جلدي غير مفسر.
-
تورم غير طبيعي في الرقبة.
إذا استمرت الأعراض أو ظهرت أعراض مقلقة، يجب استشارة الطبيب للحصول على تشخيص دقيق وعلاج مناسب.
الخلاصة
إن التهاب الحلق الفيروسي هو حالة شائعة تصيب الجهاز التنفسي العلوي وت

